الجمعة، 30 ديسمبر 2011

إستِصـــــــــــــال

أفاق من غيبوبته و ادرك ان به تغيراً ما 
لم يعرفه
و لكنه لم يُشغِــــل عقله بذلك
لأن ما يَهُمــه انه شُفي
نزل الى الشارع بدأ حياته الطبيعية من جديد
-اي نعم فاته الكثير و الكثير خلال الاربع شهور السابِقة -
و لكنه كـــان يعلم ان ما ينتظره يســتحق هذا الإنتظار
رأى العديد من الأشياء التي كانت تُلفِت انتباهه في الماضي
و لكنه لم يتأثر
عومِل من بعض الناس مُعاملة خيـــالية!
و لكنه لم يتأثر
بدأ القلق و الشك يساورونه
فذهب الى الطبيب الذي اشرف عليه طوال هذه المُدة
حيـّْـــــاهُ الطبيب و عرض عليه تقديم شيئاً ليتناوله
لكنه قاطعه مسرعاً
ماذا فعلت بي طوال هذه المُدة!
اجابه 
رزقني الله العلاج المناسب لك
فأعطيتهولك
فقال له و ما هو؟!!
و ما هي اعراضه 
وهل سيغير مسار حياتي الفترة المُقبِلة ام سأظل ذلك الشاب المندفع نحو الحياة!
قال ان له بعض الأعراض الجانبية لكن اجمع الناس على مر التاريخ انه الحل الأمثل
فلقد قُــــــــــــــمت بإستِئصال قـــــلبِــــــــــــــك !
سامحني و لكني حاولت كثيراً ان اعالجه دون اللجوء الى هذا الحل!
و لكن باءت كل المحاولات بالفشل
لا تقلق
فالآن يمكنك التفكير بصورة افضل في مواقف حياتِك كلها
و ستتخلص من العواطِف التي من الممكن ان تقودك الى المجهول!
و قد قادتــــــــــك بالفعل؟!
اتذكُر؟
رد عليه نعم اذكُر جيداً
و لكن لم يعطك احد الحق بأن تفعل ذلك!
لقد قُتلت مرتين
مرة بأن خسرت من يعشق قلبي
و مرة باستئصالك لقلبي!
ابتسم الطبيب بدلاً من ان يغضب من نكران الجميل-من وجهة نظره-
و اخبره بأنه سيأتيه مجدداً يوماً ما ليشكره على ما قام به
و انه يمكنه الآن الـــــــمُضيّْ بشكلٍ افضل في هذه الحياة الصعبة!
خرج الشـــاب من العيادة دون ان يلقي السلام
و لا يستطيع حتى ان يبكي على ما حدث له
لأنه لا يمتلك القلب الذي يساعـــدهُ على ذلك!
Description: http://4.bp.blogspot.com/-764dwdMW0qg/Tv0rhS3mwCI/AAAAAAAAACI/FiPRs68CdS0/s320/Broken-heart-16.jpg

الــحياة الأُخرى

أحس بقطرات تسيل على وجهه
ظن انه انتقل الى الحياة الأُخرى
فأراد ان يُغمِض عينيه قليلاً لكي يتوقع اقصى ما يمكن توقعه عن هذه الحياة
اخيـــــــــــــراً تخلص من آلامِه
و ها هو –كما يحسب- في مكانٍ افضل
فتح عينيه فإذ بـــــسرير أبيض يرقد عليه
و غرفة في غاية الأناقة و الجمال-تُشبه غرفته في الحياة الدنيا-
و لكن هذه يوجد بها شيءٌ مُميّْز
فتح باب الغرفة المكتوبة عليها يافطة مخطوطة بخطٍ جميل –الصــــــــبر-
و الباب مُزين بزينة توحي بالإشراق و الأمــــل
فتح البـــــاب و تجمــــــــــــــد في مكانِه

صرخت أمه من الفرح حينما رأت ابنها
فهذا هو فلذة كبدها الذي استغرق في غيبوبة اكثر من 4 شهور
ظنت ان نهايته اوشكت
و لكن ها هو الله يكتب له عمر جديد
و لكن الشاب تكاد عيناه ان تنطلق من مكانِهمـــا من كثرة الذهول
هو لم ينتقل الى الحياة الأُخرى بعد!
مازال على قيد الحياة!
و ماذا عن كل هذه الآم؟
ماذا عن جسده الذي فني بسبب المرض؟
كل هذه التساؤلات ظهرت امامه!
سأل امـــه –ماذا حدث؟!!
اجابته بأن الله مَن عليه بالشفاء من مرضه
و ان اصدقاءه و جميع الاقارب كانوا يزورونه بإستمرار و يسألون عليه
حتى
هذه الفـــــــــــــتاة التي لم يُخبِر امه عنها الا مؤخراً قبل مرضه بقليل
ذكرت انها اتصلت اكثر من مرة
لحيــن!
اتم الله امراً كان مفعولاً
فلقد تقدم شاب لِخطبَتِها -و قامت بتنفيذ وصيته-
ابتلع الشــــاب ريقه بصعوبة
و سألها متى حدث هذا!
اجابته منذ شهر!
و منذ هذا الحيـــن و هي توقفت تماماً للحفاظ على العهد بينها و هذا الشخص الجديد
نظرت الأم الى ابنها و هو يحتبس عَبَرة في عينيه
و يحمد الله و يقول اللهم اني اسألك ان تجعل حياتها سروراً و فرح
و ان تَمُن عليها بالذرية الصالحة
و ان ترزقنا الـــــــــــخير حيثما وُجِد
ابتسمت الأم فذلك هو ابنها الذي ربتهُ
رغم هذه الغيبة الطويلة فإنه عاد الى صحته مرة اخرى

هاهو يأخذ شهيــــــــــــــــق عميق من الهواء النقي
و يُقبِل على الحياة و لن ينظر الى ما فاته
لأنه يعلم علم اليقين
ان الـلـــــــــه سيرزقه بما هو أفضـــــــــــــــــــــــــــل!


الجمعة، 23 ديسمبر 2011

يوميات حائِر


كان يعلم ما ينتظره منذ وقتٍ طويل
فلقد اشتد عليه المرض و ظهرت مضاعفاته كاملة
و مر بكل الحالات النفسية بدئاً من الجَلَد و الصبر الى اليأس و الحزن
و لكنه حينما ادرك انها لحظات احتضاره الأخيرة
كان يتمنى ان يرى مُضغة قلبه لآخر مرة
كانت فقط امنية
و تم وضعه في مكان بزمن لم يكن يخطط له
و اذا هي بأول الحاضرين الى هذا المكان
فأدرك ان اللحظة اقتربت اكثر مما كان يتوقع من هذا التخطيط العجيب
بادرته بالسؤال عن العمل و ظروف شغلِهِ
و احواله الشخصية و ما إلى ذلك
فأجاب حامداً لله و شاكراً لفضله مُتذمِر لبعض العوارض نتيجة بشريته
حينما سألها على رأي الاطباء في حالته
تهربت و فتحت موضوعاً جديداً للنِقاش
لكنه أصر على معرفة النتائج
فأجابته ان النتيجة غير محسومة و ان كل شيء بأمر الله
فقال خير و الحمد لله
و كان يشعر بألم لا يُطاق منذ ايام
لكنه لم يكن يعرف سبب قوته و احتماله في هذه اللحظة
فأدرك انها صحوة الموت
انها لحظات احتضاره التي طالما خَشَيَها
ارادت ان تطيل الحديث ظناً منها ان الأخير من نوعة و انه سيكمله
و لكنه اراد ان يستعجل الموت ظنأ منه بأنه سيريحه من آلام رفيقه –الاحتضار-
طلب منها الا تحزن على فراقه و ان تكمل حياتها
و حاول ان يستخرج منها وعداً بذلك
و لكنها لم تقوى على اعطاءِ هذا الوعد
توسل اليها بأن تنتبه الى نفسها و ان الحياة مليئة بالفرص و الّا يجب ان تضيعها
من شدة الإلحاح انفطر قلبها و خشت ان تنهار امام حبيبها المريض
فسارعت بالاستئذان للتحقق من شيء ما في الغرفة المجاوة
فَأذِن لها في هدوء و في نبرة ثقة بما ستفعله
انها تهرب من لحظة فراقهما لا تريد ان تصدق انها حانت
و لكنه يبتسم ابتسامة اخيرة
و ينظر الى السماء
طالباً العفو و التوفيق فيما هو آتٍ



مُصطفى وفا
23-12-2011