أتى المهرج بعد يوم عملٍ
طويل مُنهَكاً
يقف امام المرآة لكي
يخلع قناعه و كل ما يزين وجهه بكل حرص حتى يستخدمهم مرة اخرى
يظهر وجه ذو لونٍ شاحِب
عليه بعض علامات الزمن و
لكنه ليس بعجوز
شاب ارهقته الحياة
تحت عينيه جيب كبير يدل
على كثرة الارهاق إما من السهر او من البُكاء
يوجد بعض الشعيرات
البيضاء التي ظهرت في اماكن متفرقة من ذقنه و شعره
يتفحص وجهه لمرة اخيرة
فيغسله جيداً فوق الحوض القديم المهتريء الذي يتسرب الماء منه
يتنشف من اثار المياه
فتظهر ملامح اكثر منه , هُناك نُدبة كبيرة
و لكنها هذه المرة في
قلبه
استرجع الشريط الذي
يسترجعه كل يوم في هذا الموعد تحديداً
لقد اصبح روتيناً في
حياته ان يتعذب بهذه النُدبة كل يوم بمجرد رؤيتها
هذه النُدبة مصدرها فتاة
وجد فيها كل مواصفات احلامه بل اكثر
و لكنه لم يشعر بشيءٍ
تجاهها
فأصبح يعاملها بعقله
يزداد جفاءً معها تزداد
حناناً فيزداد تعجباً
كيف لها ان تكون آدمية؟!
إنها اطهر ما رأى او ما
سمع إنها تُظهر مشاعرها بتعفف و في ذات الوقت بكبرياء
إنها ذي شخصية قوية و
طموحة و لكنها معه تكون كالطفلة
اخذ قرار بأنه لن يظلم
مثل تلك الاميرة معه
و لكنه اكتشف انها قد
وقعت في شباكه العنكبوتية الذي يدعي انها خارجة عن ارادته
فحاول التراجع عن قراره
و لكن ...هيهات
هي اتخذت القرار قبل ان
يشرع في تنفيذ قراره
و رحلت بكبرياءها و
كرامتها
في هذه اللحظة الذي رآها
تبتعد انكشف عن عينه غطاء الجحود و رآها على حقيقتها
رأى حورية من حور العين
و لكن أرضية
رأى إنسانة بكل ما
تحتويه الكلمة من معنى
و رأى في نفسه جزءاً
قبيحاً لم يعتد ان يراه كهذا
و ادرك انه انكسر و ان
انكشاف هذا الجزء القبيح ماهو الا بداية استئصاله
و ادرك انها اصبحت جزء
منه و لكنه فصلها بيديه الآثمتين
فقرر ان يعاقِب نفسه
باستئصال الجزء الفاسد
و برسم نُـــدبة في
قلبــــه تظل معه حتى يموت لكي يستغفر كل يوم عن التفريط في تلك النعمة!